قلعة قصر الحصن

تم بناء قلعة قصر الحصن في القرن الثامن عشر كبرج مراقبة باستخدام المرجان وأحجار البحر، على أيدي قبائل بني ياس في أبوظبي للإشراف على طرق التجارة الساحلية وحماية مصادر المياه التي تم اكتشافها على الجزيرة.

ومع إنجاز برج المراقبة، بدأت التجمعات السكنية تظهر وراح المجتمع يتوسّع. انتقلت قبيلة بني ياس إلى الساحل، وقام الشيخ شخبوط بن ذياب، الذي حكم أبوظبي من 1795 حتى 1816، بتحويل برج المراقبة إلى قلعة منيعة.

صُنعت القلعة من المرجان وأحجار البحر، وطُليت بطبقة من الجير والرمل المحلي ومسحوق أصداف البحر. وبفضل تأثير الأصداف العاكس للنور، تتلألأ جدران القلعة تحت الشمس لتشكّل أداة ملاحية ساحلية وترحيبية لتجار المنطقة. كما تم اختيار شجر القرم لصناعة هيكل الأرضية والسقف بفضل متانة أخشابها وقوتها الطبيعية.

خضعت القلعة لعمليات توسعة في القرنين 18 و19. فقام الشيخ طحنون بن شخبوط (1818-1833) بتوسيع القلعة في أوائل القرن التاسع عشر، وسرعان ما تحولت القرية الصغيرة المؤلفة من بيوت مصنوعة من سعف النخيل إلى مدينةً تضم أكثر من 5 آلاف مقيم. فضلاً عن ذلك، أجرى الشيخ سعيد بن طحنون (1845- 1855) المزيد من عمليات التوسعة والتحسين للقلعة في خمسينيات القرن التاسع عشر.

وبعد فترة من الصعوبات التي تلت انهيار تجارة اللؤلؤ ، شهدت قلعة قصر الحصن فترةً من التوسع خلال حقبة التنقيب عن النفط واستكشافه بين 1939 والخمسينيات. فاستخدم الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان (1928- 1966) عائدات النفط لبناء قصر بديع يحيط بالقلعة.

أما مؤسس الاتحاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فقد أمر بإجراء عمليات ترميم واسعة النطاق لقصر الحصن، محوّلاً إياه من مقر للحكم إلى متحف ومستودع للمجموعات المتعلقة بأبوظبي والخليج.

ولعلّ أحد الجوانب الأكثر براعة في هيكل القلعة هو نظام التهوئة التقليدي "البارجيل" – وهو من أقدم نظم تكييف الهواء. فالفتحات الغائرة في جدران البارجيل توجّه نسيم البحر إلى الغرف الداخلية عبر الممرات الهوائية الضيقة.

وتوفّر الجولات برفقة مرشدين داخل القلعة وصْفاً مفصلا عن هذا النظام الذكي في البناء المحلي.

وبالنظر إلى عمر القلعة وأهميتها نسبةً لتاريخ أبوظبي، يحرص فريق الترميم على اتخاذ كل تدابير الحيطة والحذر لتفادي إلحاق أي ضرر بالنسيج الأصيل للهيكل الأساسي. خاصة في التدخلات الجارية على برج المراقبة القديم، الأمر الذي يعدّ أكبر تحدٍّ يواجهه المهندسون المعماريون وفريق الترميم بسبب بقاء الكثير من أعمالها الحجرية الأصلية.